يُحاول رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي التسويق لنفسه لرئاسة الحكومة المقبلة التي ستتشكل إثر الانتخابات المبكرة المقررة في أكتوبر 2021. وبدأ الائتلاف الذي يتزعمه والأطراف الموالية الأخرى خلال الأيام الماضية تنظيم حملة إعلامية لتلميع صورة المالكي، وتدشين دعاية انتخابية مبكرة أثارت ردود فعل مختلفة في الأوساط الشعبية والسياسية.
تحاول هذه الورقة قراءة حظوظ المالكي الانتخابية، وتتّبع الحملة التي يقوم بها وتأثيرها في التحالف الشيعي.
من التلميح إلى التصريح
أجرى المالكي خلال الأسابيع القليلة الماضية مجموعة لقاءات إعلامية مع قنوات "العالم" الإيرانية و"الغدير" التابعة لتنظيم بدر و"السومرية" العراقية، تحدث خلالها صراحة عن طموحه برئاسة الوزراء من جديد. وطرح المالكي في تلك المقابلات توقعه بأن تكون نتائج تحالفه الانتخابي في الانتخابات المقبلة أفضل من نتائج انتخابات عام 2018، وأشار صراحةً إلى استعداده لقبول رئاسة الحكومة إذا عُرضت عليه. لكنه صرّح بأنه سيواجه الميليشيات الشيعية، وتحديداً الميليشيا التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر عندما يصل إلى سدة الحكم مرة أخرى، وهو بذلك قد أنهى فرص التحالف مع الصدر الذي دعا نهاية العام الماضي إلى عودة التحالف الشيعي خلال الانتخابات، بل قام المالكي بالاستثمار في الاستياء الشعبي من أتباع الصدر الذين مارسوا التعدي والتجاوز على القانون منذ الاحتجاجات الشعبية نهاية العام 2019 وحتى اليوم، من خلال ملاحقة واستهداف الناشطين بصورة علنية، وتهديد كل من يعارض الصدر أو يختلف معه.
كما أعاد المالكي تسويق نفسه إقليمياً ودولياً، من خلال ادعائه بامتلاكه "علاقات طيّبة" مع "الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته وفريقه في الإدارة الجديدة"، بل إنه عرض نفسه كوسيط بين إيران والولايات المتحدة في الملف النووي، حين قال "لو أراد أي طرف إيراني أو أمريكي (أن أتدخّل) لحل الأزمة بينهما فلا مانع لدي".
وإعلان المالكي الصريح سعيه إلى منصب رئيس الوزراء فتح الباب واسعاً للسجالات السياسية الحادة بين الغرماء الشيعة، خصوصاً بين "ائتلاف دولة القانون" وتيار الصدر الذي أعلن قبل نهاية العام الماضي رسمياً رغبته في رئاسة الحكومة أيضاً، ودخل في حرب إعلامية مع المالكي، كما أعلن تحالف "الفتح" نيته ترشيح زعيمه هادي العامري لتولي المنصب بقول النائب عن التحالف عباس الزاملي: "سنحصل على 50 مقعداً في الانتخابات المقبلة، وسنرشح هادي العامري لرئاسة الوزراء".
أدوات المالكي
يمتلك المالكي مجموعة أدوات ووسائل يُحاول من خلالها إدارة الصراع الشيعي حول منصب رئاسة الوزراء، ويعتقد أعضاء تكتله السياسي أنها بمنزلة "مزايا" قد لا يمتلكها زعيم "شيعي من التيار الديني"، ومنها:
نقاط ضعف المالكي
رغم أن بعض الأطراف السنية والكردية كانت تعارض بشدة الولاية الثالثة للمالكي عام 2014، فإن مواقفها قد تغيرت بعض الشيء في الآونة الاخيرة بحكم المتغيرات الحاصلة في المنطقة؛ فالكتل السنية القريبة من دولة قطر حسَّنت علاقاتها بالمالكي، كما حاول الأخير تقديم الدعم للوفود الكردية التي تزور بغداد من أجل تسوية الخلافات حول الموازنة والصادرات النفطية. ومع ذلك، توجد الكثير من نقاط الضعف في المالكي نفسه والكيانات السياسية التي يتزعمها، تقلل من حظوظه بولاية جديدة في رئاسة الوزراء، وأبرزها:
السيناريوهات المحتملة لمسار المالكي وائتلافه في الانتخابات المقبلة
السيناريو الأول: فشل نوري المالكي في الحصول على منصب "رئيس الوزراء"، والاكتفاء بمشاركة قائمته الانتخابية، ائتلاف دولة القانون، في تحالف شيعي برلماني يجمع الأطراف الموالية لطهران، وربما الحصول على وزارة واحدة فقط في الحكومة الائتلافية المقبلة. والعوامل التي تتحكم بتشكيل هذا المشهد هي:
لكل تلك الأسباب وغيرها نجد من الصعوبة أن يكون نوري المالكي رئيساً للوزراء في العراق مجدداً، رغم الدعاية الكبيرة التي دشنها وحملة العلاقات العامة التي يقوم بها، وعليه فإن هذا السيناريو هو المرجح.
السيناريو الثاني: العودة إلى رئاسة الوزراء كمرشح للقوى الشيعية (الميليشياوية) المقربة من المرشد الإيراني. وحتى يتمكن نوري المالكي من الوصول إلى مبتغاه، هناك مجموعة ظروف وشروط يجب أن تتحقق، وهي:
خلاصة واستنتاجات
بلال عبد الله | 13 أبريل 2021
مركز الإمارات للسياسات | 21 مارس 2021
شريف أبو الفضل | 09 مارس 2021