شهدت إيران خلال شهر يونيو الماضي عدة انفجارات وحرائق طالت مراكز عسكرية (منها انفجار هزّ منطقة بارتشين العسكرية، وانفجار في منشأة نطنز النووية، وأنباء عن عدة انفجارات طالت مناطق عسكرية في شرق العاصمة طهران)، وأخرى صناعية (منها انفجار في مركز لإنتاج الطاقة في الأحواز جنوب غرب إيران، وشركة بتروكيماويات بالقرب من مشهد شمال شرق إيران، وحريقًا شب في مصنع جنوب العاصمة طهران)، ليتم طرح تساؤلات جدّية بشأن طبيعة هذه الأحداث، وتداعياتها، والأسباب التي تقف وراء كل منها.
أحداث ذات طبيعة مختلفة
تتوزع حوادث شهر يونيو الماضي في إيران ضمن عدة محاور مختلفة:
مَنْ يقف خلف الانفجارات في المواقع السياديّة؟
إذا كانت الانفجارات التي طالت تلك المراكز العسكرية مهمّة في حد ذاتها، فإن الأهم من ذلك هو المعاني التي يمكن أن يكتسبها توالي الانفجارات، وطبيعة المراكز التي تعرضت لها، والجهات التي تقف خلفها:
وتفيد متابعة المواقف الصادرة عن مراكز الرصد المطلعة على هذه الأحداث، بأن أرجح السيناريوهات ستكون تلك التي تؤكد وقوف إسرائيل خلف تلك الحوادث، في ظل تأكيد إسرائيل على أن البرنامج النووي الإيراني يشكل مصدر الخطر الأهم لإسرائيل، وفي ظل محاولات إسرائيل السابقة استهداف مراكز على صلة بالبرنامج الصاروخي والبرنامج النووي الإيراني.
ونظريًّا، بإمكان إسرائيل استهداف الموقعين بصواريخ كروز، أو طائرات متخفية تستطيع اختراق نظام الدفاع الصاروخي الإيراني؛ إذ يشكل نظاما "صياد" و"خرداد 3" العمود الفقري للدفاع الجوي الإيراني، وهما نسختان مطورتان لنظام TOR-M1 الروسي الذي يعود إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وهو نظامٌ غير قادر على مواكبة الأجسام الطائرة الحديثة، إلى جانب أنظمة الدفاع الجوي S300 ونظام "باور" 373 المنتشرين في الغالب في الحدود الجنوبية لإيران. كما أن بإمكان إسرائيل نظريًّا أيضًا استهداف الموقعين عبر الاختراق الأمني؛ حيث لوّحت أجهزة أمن إيرانية إلى احتمال أن يكون انفجار بارتشين ناتجًا عن استهداف أنظمة الحاسوب المتحكمة بالموقع، واحتمال أن يكون انفجار نطنز ناجمًا عن قنبلة تم زرعها في مخزن أجهزة الطرد.
التوقيت والمعاني: أسئلة عن مضمون الهجمات
تدفع أوجه الشبه بين هجمات الشهر الماضي، وهجمات سابقة استهدفت مراكز من نفس النوع بين عامي 2009، و2011 باتجاه ترجيح وقوف إسرائيل خلف هذه الهجمات، خاصة مع وجود الدوافع القوية التي تمتلكها إسرائيل للقيام بمثل هذه العمليات، وهو ما يثير تساؤلات حول توقيت الهجمات، وما تحمله من معانٍ من زاوية النظر الإسرائيلية:
تثير السهولة الظاهرية التي تمّ من خلالها الوصول إلى الأهداف العسكرية الإيرانية، وتنفيذ مثل هذه الهجمات، التساؤل عن أسباب عدم القيام بمثل هذه الهجمات سابقًا. إلّا أن مثل هذا السؤال الذي يربط توقيت الهجمات بالعقبات التقنية، يخفي زوايا أهم من ذلك، منها:
إضافة لما تحمله الهجمات الإسرائيلية المفترضة من معانٍ، على صعيد التحول من سياسة المؤسسات الدولية إلى سياسة التصرف المنفرد الحازم حيال الملف النووي الإيراني، فإن مثل هذه الهجمات تحمل دلالات أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار:
ماذا سيكون الرد الإيراني؟
في بادئ الأمر، أشارت الصحافة المقربة من مؤسسات الحرس الثوري إلى ردّ إيراني قوي على إسرائيل، لكنّ متابعة المواقف الإيرانية اللاحقة، والتجارب التاريخية السابقة، تشير إلى أن طهران لن تردّ على إسرائيل على الأرجح، حتى في حال ثبت تورط هذا البلد في الهجمات الأخيرة. ومن الأسباب التي ترجح مثل هذا التقدير:
تدفع الأسباب المذكورة إلى جانب مؤثرات أخرى، باتجاه ترجيح أن تلتزم إيران جانب الصمت إزاء إسرائيل في حال ثبوت تورط إسرائيل في هجمات بارتشين ونطنز. ويمكن، في إطار مثل هذه القناعة، تفسير المحاولات الصادرة عن المراجع الرسمية والصحافة المقربة من الحرس الثوري ضمن إطار رفض الروايات التي تنسب الأحداث إلى إسرائيل (رغم إشارات سابقة في هذا الإطار) مؤكدة أن هذه الأخبار من صنع الماكنة الخبرية المقربة من إسرائيل، والتي تريد أن تمنح الجهاز العسكري الإسرائيلي قوة لا يمتلكها.
السيناريوهات
على افتراض أن تكون الحوادث التي شهدتها مواقع عسكرية ونووية إيرانية نتيجة هجمات قام بها إسرائيل، فإنه يمكن تصور السيناريوهات التالية:
مركز الإمارات للسياسات | 24 يناير 2021
بلال عبد الله | 21 يناير 2021
عمرو هاشم ربيع | 20 يناير 2021