دخل العام الجديد 2021، بعد أن شهد أواخر العام الماضي 2020 تطورات اقتصادية مهمة ألقت بظلالها على الاقتصاد التركي، لعل أبرزها إقرار موازنة تركيا لعام 2021، في ديسمبر الفائت، والتي حملت عجزاً مالياً قياسياً وصعوبات في الاستدانة لتغطية هذا العجز، بالإضافة إلى رفع كبير في الضرائب والجباية.
شهد الاجتماع المغلق لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي في بروكسل 3 ديسمبر 2020 مشادة قوية بين وزيري خارجية تركيا والولايات المتحدة، إذ اعتبر بومبيو أن تصرفات أنقرة تضر بحلف الناتو من خلال شرائها أسلحة روسية، وانتقد بومبيو بشدة إرسال تركيا مقاتلين سوريين إلى ليبيا وقره باغ في أذربيجان. وجاءت هذه التصريحات القوية لوزير الخارجية الأمريكي تمهيداً لضغط الكونغرس على الرئيس دونالد ترمب التي انتهت أخيراً بفرض إدارة ترمب عقوبات كاتسا ضد وكالة المُشتريات الدفاعية التركية لمعاقبة أنقرة، بعد أكثر من ثلاث سنوات من شرائها أنظمة الدفاع الصاروخي طراز "أس-400" من روسيا.
أصيب الاقتصاد التركي بأزمة كبيرة في مارس 2018، لم يتمكن من الخروج منها نسبياً إلا في نهاية عام 2019، وذلك بعد اتخاذ إجراءات مالية مؤلمة من خلال رفع سعر الفائدة البنكية، وتضييق وصول المستثمرين والمضاربين الأجانب إلى الليرة التركية، وبفضل الوضع المالي العالمي الذي أدى إلى زيادة البحث عن فرص استثمارية دفعت بعض هذه الاستثمارات إلى تركيا. ولم يكد الاقتصاد التركي يتنفس قليلاً حتى تعرض لضربة أقسى في عام 2020، إثر حالة الركود بسبب أزمة كورونا. تُقيم هذه الورقة مسار الاقتصاد التركي في عام 2020، وتحاول أن تستشرف أبرز تحدياته في عام 2021.
على مدى عقدين تقريباً من حكم حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان، نجحت تركيا في اختراق دول الاتحاد الأوروبي بشكل غير مسبوق، اعتماداً على الثقل الديموغرافي لجالياتها الممتدة في القارة، وإمكانات هذه الجالية، المالية الكبيرة، وكذلك على حلفائها من الجماعات الإسلامية ذات الحضور التاريخي والعميق في دول الاتحاد الأوروبي. تُلقي هذه الورقة الضوء على ملامح السياسة التوسعية التركية في دول الاتحاد الأوروبي، من خلال شبكات سياسية ودينية وجماعات ضغط أنشأتها الدولة التركية على مدى سنوات، ومظاهر هذا الاختراق وماهيته والأهداف التي تريد أنقرة تحقيقها من خلاله، وردّ الفعل الأوروبي تجاه هذه السياسات وآفاقها المستقبلية في ظل "استفاقة" أوروبية متنامية ضد الإسلام السياسي وداعميه.
يرى معظم أعضاء الفريق المحتمل في إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن أن الولايات المتحدة وتركيا تسيران على طريق تصادمي. وتشترك الدولتان في عضوية "حلف شمال الأطلسي" (الناتو) منذ نحو 70 عاماً، غير أن هذه الشراكة تراجعت بشكل تدريجي منذ "الربيع العربي" الذي بدأت تركيا بعده بدعم سياسات الإسلام السياسي بشكل علني في كلٍّ من مصر وتونس وسوريا وليبيا، ما أدى إلى حدوث جفاء متبادل بين واشنطن وأنقرة.
تَمر تركيا في مرحلة مضطربة؛ فشعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تراجُع، وحزب العدالة والتنمية الحاكم يبدو عُرضةً للانقسام الداخلي وانفضاض قاعدته الشعبية
يستعرض هذا التقرير التطورات المهمة في السياستين الخارجية والداخلية التركية، وكذلك التطورات الاقتصادية، خلال شهر يناير 2018.
تحديد نطاق البحث