حدثان أساسيان متقاربان في الجزائر: انتخاب عبد المجيد تبون رئيساً في ١٢ ديسمبر ووفاة قائد أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح في ٢٣ ديسمبر، في الوقت الذي لا يزال الحراك الاحتجاجي مستمراً في الشارع الجزائري. وهذه الورقة تناقش هذين التطورين وأثرهما على مستقبل المشهد السياسي الجزائري.
مستجدات الوضع الجزائري
فاز عبد المجيد تبون في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية بنسبة ٥٨.١٥ بالمائة، في حين وصلت نسبة المشاركة في الاقتراع قرابة ٤٠ بالمائة. ومن الواضح أن هذه النتيجة في جوهرها من أثر وتأثير المؤسسة العسكرية التي تتحكم في تفاعلات العملية الانتخابية من خلال شبكتها التعبوية والإدارية المعقدة. ومع أن الوجه الذي كان أكثر حظوة هو رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، إلا أن المفاوضات معه لم تُطمْئِن المؤسسة العسكرية التي فضَّلت نقل السلطة لشخصية تكنوقراطية إدارية معروفة لديها، تتلخَّص تجربتها الأساسية في الإدارة الإقليمية داخل الولايات الداخلية، بما كان يضعها عملياً تحت وصاية قادة المناطق العسكرية الأقوياء والمتحكمين في الحياة السياسية.
لقد كانت خطة الفريق أحمد قايد صالح، قائد أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، تتمثَّل في الالتفاف على الفراغ الدستوري الذي خلَّفه خروج الرئيس بوتفليقة من المشهد السياسي (أبريل ٢٠١٩) بانتخاب رئيس جمهورية يُؤمِّن استمرار الشرعية، ويكون قادراً في الآن نفسه على القيام بدور وكيل التفاوض مع القوى الاحتجاجية من أجل تمرير الإصلاحات السياسية المطلوبة وفق السقف الذي تقبله قيادة الجيش ويُؤمِّن لها دورها التقليدي كحكم في مركز القرار. إلا أن الوفاة المفاجئة للفريق قايد صالح ولَّدت معادلة جديدة لا يزال من الصعب توقُّع اتجاهاتها الثلاث الإشكالية: طبيعة تركيبة المؤسسة العسكرية، والفرص العملية المتاحة للرئيس الجديد من حيث علاقته بهذه المؤسسة، وإمكانات التعامل مع الحراك الاحتجاجي الراهن.
سيناريوهات المشهد السياسي الجزائري
وفق المعطيات السابقة، يمكن تصوُّر ثلاثة سيناريوهات متمايزة:
مركز الإمارات للسياسات | 19 يناير 2021
مالِك الحافظ | 18 يناير 2021
مركز الإمارات للسياسات | 16 يناير 2021