تحولت الفصائل الولائية، المرتبطة بالمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إلى قوة موازية للدولة العراقية، فضلاً عن طرح نفسها ممثلاً رئيساً للحالة الشيعية في العراق، إلا أن هذا الصعود شابتهُ تحديات كبيرة بعد اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في 3 يناير 2020، إذ ظهرت خلافات ضمن الفصائل الولائية أخذت في تهديد وحدة البيت الولائي من جهة، والاستقرار السياسي والأمني في العراق من جهة أخرى. وفيما يلي قراءة لجوانب الخلاف بين الفصائل الولائية في العراق وتداعياتها.
بروز الخلافات الداخلية بين الفصائل الولائية وأسبابها
ساهم العديد من الأسباب في بروز الخلافات فيما بين الفصائل الولائية في الآونة الأخيرة، ومن أبرز هذه الأسباب:
التأثيرات المتوقعة لهذه الخلافات بين الفصائل الولائية
يمكن القول بأن استمرار هذه الخلافات وتعاظمها سوف يكون له تداعيات كبيرة على مستقبل وجود هذه الفصائل ودورها، خصوصاً إذا ما تجاوزت الحدود المسموح بها، وفي هذا الإطار تتضح أربعة تداعيات مهمة، هي:
خلاصة واستنتاجات
تحولت الفصائل الولائية بعد نهاية الحرب على "داعش" إلى قوة موازية للدولة العراقية، وأخذت على عاتقها خدمة المصالح الإيرانية في العراق والوقوف بوجه أي محاولة حكومية أو شعبية تطمح إلى إنهاء النفوذ الإيراني. إلا أنها في المقابل واجهت تحديات كبيرة في مرحلة ما بعد سليماني والمهندس، إذ ظهرت خلافات عديدة على مستوى القيادات الفصائلية، وهو ما اتضحت صورته في الخلافات الأخيرة التي ظهرت للسطح حول التهدئة مع واشنطن والتبرؤ من الهجمات التي طالت السفارة الأمريكية في بغداد مؤخراً.
وعلى صعيد العلاقة بين إيران وهذه الفصائل، فيمكن القول بأن هذه العلاقة شهدت تحولات مهمة في مرحلة ما بعد سليماني غلب عليها طابع عدم السيطرة، إذ إن قاآني اليوم يتصرف بوصفه ناقلاً لتعليمات المرشد الأعلى أكثر من ممارسة دور مؤثّر، حتى إن زياراته المستمرة إلى العراق تأتي في إطار معالجة ملفات آنية، وليس لوضع استراتيجيات طويلة الأمد كما كان عليه الحال في زمن سليماني، والأكثر من ذلك فإن الاضطراب الحالي في سلوك الفصائل الولائية يأتي أيضاً بسبب ضبابية السياسة الإيرانية المتوقعة مع إدارة بايدن الجديدة، فضلاً عن الصراع المتصاعد بين وزارة الاستخبارات الإيرانية وفيلق القدس في العراق، حيث يحتضن كل طرف فصائل بعينها. وإجمالاً قد تلجأ إيران في الفترة المقبلة إلى ترسيخ مركزية بعض الفصائل الولائية في مقابل تفكيك وحل فصائل أخرى، كمدخل لمعالجة الإخفاقات الحالية، سواء بصورة مباشرة أو بالتفاهم مع حكومة الكاظمي.
وفي هذا المجال فإن تردد الكاظمي في ضبط حركة الفصائل الولائية أسهم في غياب خطوط واضحة لأدوار هذه الفصائل، في داخل العراق وخارجه، وهو ما قد ينبئ بتداعيات خطيرة قد يشهدها الواقع العراقي فيما لو تمردت هذه الفصائل أكثر، ويبقى التحدي أمامه في كيفية تمكنه من ربط الديناميات الإقليمية والدولية المناهضة للسلوك الإيراني مع الداخل العراقي، لتحقيق إجماع داخلي وخارجي يدعم جهود الحكومة العراقية في مجال إنهاء دور الفصائل الولائية وإصلاح قطاع الأمن في العراق.
الهوامش
[1] Suadad al-Salhy, “Exclusıve: Asaib Ahl al-Haq defying Iran to attack US in Iraq,” Middle East Eye, 12 December 2020: https://bit.ly/34htxx3
[2] "أمر بوقف تمرد الفصائل وحذر من الهجوم على الأمريكيين .. تفاصيل زيارة الجنرال قآاني للعراق"، موقع عربي بوست، في 28 ديسمبر 2020. https://bit.ly/34YdK6G
[3] "الحشد الشعبي يدشّن عملية تصفيات داخلية بعد استشراء الخلافات بين فصائله"، صحيفة العرب، في 17 ديسمبر 2020. https://bit.ly/38ag2Ax
[4] Suadad al-Salhy, "Soleimani's shadow: How the general's death upended Iranian strategy in Iraq," Middle East Eye, 2 Jan 2021. https://bit.ly/2X7U63I
مركز الإمارات للسياسات | 28 فبراير 2021
مالِك الحافظ | 23 فبراير 2021
مركز الإمارات للسياسات | 22 فبراير 2021