في 13 سبتمبر 2020، ذكر رئيس "التيار الوطني الحر" في لبنان، جبران باسيل، أن "حزب الله" بدأ يُفكِّر بالعودة من سوريا، داعياً اللبنانيين إلى احتضان هذا القرار ودعمه. وقد أثار هذا الإعلان ردود فعل متباينة حول مدى دقته وجديَّتهِ، وما إذا كان مجرد مناورة سياسية لها أهداف محدَّدة. واللافت أن إعلان باسيل هذا قد تزامن مع معلومات تداولها بعض وسائل الإعلام، تفيد بأن "حزب الله" بدأ خطة انسحاب تدريجي من سوريا منذ أسابيع، وتحديداً من الجبهتين الجنوبية والشرقية الجنوبية، حيث سحب أكثر من 2500 مقاتل، بينهم خبراء وقادة عسكريون. وهذه الأنباء تظل غير مؤكدة، ولا يوجد ما يثبت حصولها، كما لم يَصدُر عن "حزب الله" إشارة واضحة بهذا الخصوص؛ فما حقيقة الأمر؟
خريطة انتشار الحزب في سوريا
يوجد "حزب الله" في العديد من المناطق السورية، وفق التشكيل الآتي:
الأسباب "النظرية" الداعية لإعلان الانسحاب
من الناحية النظرية، من الممكن تصديق خبر انسحاب "حزب الله" من سوريا، إذ تتضافر عوامل عديدة تدفع صانع القرار في الحزب إلى اتخاذ قرار بالانسحاب في هذه الظروف، ذلك أن العوائد السياسية لمثل هذا القرار "العقلاني" ستصُبُّ في مصلحة لبنان الذي يمر بأسوأ أزماته في المرحلة الحالية، فضلاً عن الفوائد الأخرى المتوقعة للحزب من هذا القرار، ومن بينها:
قيودٌ "عملية" أمام الانسحاب
ليست سوريا مجرد ساحة قاتل فيها "حزب الله" خصماً وانتهت مهمته فيها وحان موعد عودته لقواعده شرق نهر الليطاني أو غربه، فبين سوريا والحزب علاقة معقدة لا يمكن فكَّها بسهولة، وتُقيِّد قدرة الحزب على الإقدام على الانسحاب الكامل من الميدان السوري، لعدة أسباب أهمها:
خلاصة واستنتاجات
قد يكون من السذاجة التصديقُ بأن "حزب الله" يفكر حالياً بمغادرة سوريا، نظراً للمزايا الاستراتيجية التي تؤمِّنها له، وبالعكس من ذلك، تُفيد تقارير محايدة بأن الحزب أرسل في الآونة الأخيرة قوات إلى أربع محافظاتٍ سورية هي درعا والقنيطرة وريف دمشق ودير الزور. وقد تحمَّل "حزب الله" في السنوات الماضية آلاف الضربات الإسرائيلية، اعتماداً على تقديره بأنه يحقّق وجوداً طويل المدى وعميقاً واستراتيجياً في سوريا، وبالتالي لن يكون مُستعداً، بهذه البساطة، للتنازل عن مكسبٍ دفع أثماناً باهظة من أجله، نزولاً عند تمنيات بعض الأفرقاء اللبنانيين، أو تلبية لأوهام الرئيس الفرنسي وتمنياته.
والأرجح أن جبران باسيل، أراد من تصريحه بشأن انسحاب "حزب الله" من سوريا تخفيفَ الضغوط عن حزبه (التيار الوطني الحر) حليف "حزب الله"، من قِبَل البيئة المسيحية، بعد تصريحات البطريرك الراعي الداعية للحياد، وكذلك توجيه الرسائل للمجتمع الدولي ليخفف الضغط عن لبنان، وربما بهدف شق التحالف الفرنسي-الأمريكي.
وفي كل الأحوال، لم يطل الأمر كثيراً حتى خرج مسؤول من الحزب ينفي صحة هذه الأخبار، قائلاً إنه "لا جديد في سوريا يستدعي تغيير موقف الحزب". كما أن المبادرة الفرنسية في حالة جمود، نتيجة عدم التزام "حزب الله" بمقتضياتها.
مالِك الحافظ | 23 فبراير 2021
مركز الإمارات للسياسات | 22 فبراير 2021
حمدي بشير | 18 فبراير 2021